تاريخ برايل

نبذة عن تاريخ تطور برايل

برايل هو نظام القراءة والكتابة البارزة الذي يستخدمه المكفوفون وضعاف البصر الذين لا يمكنهم الوصول إلى المواد المطبوعة. وقد تم اشتقاق اسم هذا النظام من اسم الفرنسي الكفيف لويس برايل الذي يرجع إليه الفضل في اكتشاف هذه الطريقة. وقد مر هذا النظام بعدة مراحل حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.

كيف تم اختراع برايل؟

كانت هناك العديد من المحاولات لابتكار وسيلة تمكن المكفوفين من الكتابة والقراءة بشكل مستقل، وكانت معظم هذه المحاولات تتركز حول استخدام حروف بارزة من الكتابة العادية. غير أن هذه المحاولات لم تصل إلى المطلوب منها، حتى نجح الفرنسي لويس برايل في ابتكار شفرة بارزة يسهل التعرف على حروفها سريعاً وبإصبع واحد.

صورة للويس برايل

القراءة باللمس

ترجع فكرة إمكانية قراءة المكفوفين عن طريق اللمس إلى العالم العربي الكفيف زين الدين الإمدي في القرن الثالث عشر الميلادي، حيث كان يكتب حروف الكتابة العادية بخط بارز ويتعرف عليها بنفسه دون الحاجة لمن يقرأ له. واستمر العمل بهذه الطريقة حتى منتصف القرن التاسع عشر. وكانت هناك مصانع خاصة تقوم بطباعة الكتب للمكفوفين بهذه الطريقة على ألواح من الخشب، لكنها كانت كبيرة الحجم جداً وكان الكفيف يستغرق وقتاً طويلا لقراءة الجملة الواحدة. وقد حاول المعلم الإنجليزي الكفيف ويليام مون (Wiliam Moon) تطوير هذه الطريقة في منتصف القرن التاسع عشر، ورغم أنها ما زالت تستخدم على نطاق ضيق بواسطة المكفوفين الذين فقدوا بصرهم في سن متقدمة، إلا أنها تظل طريقة صعبة وغير عملية.

صورة للكتابة اللمسية

لويس برايل يتوصل إلى الحل

حينما كان لويس برايل يعمل معلماً بمدرسة المكفوفين في باريس، أبدى استياءه من الطريقة التي يقرأ بها المكفوفون نظراً لصعوبتها وعدم قدرة الكفيف على الكتابة بها. لكن الصدفة قادته إلى هذا الابتكار المذهل حين التقى بالفرنسي تشارلز باربيار Charles Barbier الذي أطلعه على شفرة حروف لمسية أطلق عليها “نظام الكتابة الليلية”. وكان باربيار قد ابتكر هذه الطريقة لتمكين الجنود الفرنسيين من التواصل مع بعضهم البعض في الظلام. ورغم أن خلايا هذه الشفرة كانت كثيرة جداً بحيث أن طول الحرف الواحد قد يبلغ ستة نقاط، إلا أن لويس برايل رأى أن الفكرة نفسها قد تمنح الكفيف وسيلة ناجعة للقراءة والكتابة.

صورة لنظام الكتابة الليلية

وبعد إجراء عدة تجارب، توصل برايل إلى أن خلية من ستة نقاط صغيرة تكفي لاستيعاب إصبع الإنسان وفي نفس الوقت تعطي تشكيلات متعددة من النقاط تستوعب حروف الأبجدية وعلامات الترقيم.

نشر برايل كتاباً يشرح طريقته عام 1829، ولكن طريقته الجديدة واجهت معارضة شديدة في البداية من قبل المسؤولين عن مدارس المكفوفين ومعاهدهم – حتى في المدرسة التي كان يعمل بها، فكان المكفوفون يتعلمونها خارج أوقات الدراسة الرسمية. وظل الأمر كذلك حتى اعتمدتها فرنسا رسمياً عام 1854 بعد عامين من وفاة برايل نفسه، وذلك بفضل تلاميذ برايل الذين كافحوا من أجل إقرار هذه الطريقة في المدارس. ثم انتقلت طريقة برايل إلى لغات العالم المختلفة، فعلى سبيل المثال بدأ استخدامها في الولايات المتحدة عام 1860، وفي بريطانيا عام 1868.

بعد ذلك دخلت طريقة برايل إلى اللغة العربية. ويقال أن أول من أدخلها هو محمد الأنسي رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق. ومن الطريف أن طريقة برايل حتى عام 1951 كانت تقرأ في الوطن العربي من اليمين إلى اليسار، ولكن بعد اختراع ماكينات طباعة برايل كانت جميع الماكينات مستوردة، وتطبع من اليسار إلى اليمين، فتم عقد مؤتمر عام لمنظمات رعاية المكفوفين في الوطن العربىي ليقرروا أن تُقرأ برايل من اليسار إلى اليمين.

استمر برايل في التطور، على صعيد الخط نفسه وعلى صعيد وسائل الكتابة والقراءة به. فعلى صعيد الخط، ظهر أسلوب الكتابة بالاختصارات في كافة اللغات ومنها العربية، وهو أسلوب يعتمد على كتابة كلمة كاملة أو أكثر من حرف في خلية واحدة أو خليتين. كما قام الكفيف أبراهام نيميث بابتكار شفرة نيميث لكتابة المسائل والمعادلات الرياضية بنمط عالمي موحد. كما ظهر مؤخرا برايل الحاسوبي الذي يعتمد على خلية من ثمان نقاط بدلا من ست، وذلك من أجل استيعاب كمية أكبر من العلامات والرموز خاصة الحاسوبية منها. يمكنكم مراجعة أنماط الكتابة بطريقة برايل.

أدوات برايل

أما على صعيد أدوات كتابة وقراءة برايل، ففيما يلي تاريخ ظهور أبرز أدوات برايل الموجودة بين أيدينا اليوم

  • في عام 1951 قام الإنجليزي David Abraham’s الذي كان يعمل بمدرسة بيركينز الأمريكية للمكفوفين بتصميم وإنتاج آلة بيركنز للكتابة على الورق، والتي ما زالت شائعة الاستخدام حتى اليوم.
  • في عام 1971 ظهرت أول طابعة برايل لطباعة النص الموجود على الكمبيوتر إلى ورق برايل.
  • في عام 1975 أنتجت جامعة دورتموند الألمانية جهاز BRAILLEX وهو أول جهاز يحتوي على سطر برايل إلكتروني.
  • في عام 1976، تم لأول مرة تنصيب نظام مترجم دوكسيباري Duxbury Translator في المؤسسة الكندية للمكفوفين، وهو أول برنامج تجاري يقوم بتحويل النص العادي على الكمبيوتر إلى نقاط برايل، من أجل استخدامها بواسطة الطابعات وأسطر برايل الإلكترونية.
  • وفي عام 1982 تم في الولايات المتحدة الأمريكية إطلاق أول سطر برايل إلكتروني وهو VersaBraille بواسطة شركة Telesensory ، وهو جهاز يقوم بعرض النص المكتوب على شاشة الكمبيوتر بطريقة برايل على سطر إلكتروني.
  • في عام 1987 تم إطلاق جهاز Braille ‘n Speak، أول مفكرة برايل إلكترونية محمولة تحتوي على لوحة مفاتيح برايل بنمط بيركنز. وقد فتح النجاح الكبير الذي حققه هذا الجهاز في ذلك الوقت الباب أمام تطوير مفكرات برايل الإلكترونية المستخدمة اليوم.
  • في عام 1995، تم إطلاق برنامج Duxbury لنظام ويندوز، لتصبح الترجمة إلى برايل متاحة على نظام التشغيل ويندوز.
  • في عام 2004 أنتجت شركة HumanWare جهاز Brailliant وهو أول سطر برايل إلكتروني يمكنه العمل عبر خاصية البلوتوث.

إذا فمنذ سنوات عديدة لم تعد برايل مجرد نقاط على ورق، بل أصبح هناك أسطر ومفكرات إلكترونية يستطيع الكفيف من خلالها قراءة ما يشاء بطريقته ودون الحاجة إلى من يقرأ له، ولم يعد بعد بحاجة إلى الاحتفاظ بمئات المجلدات وحملها، فمن خلال جهاز محمول صغير أصبحت آلاف الكتب والمراجع والمواقع الإلكترونية بين يديه وتحت أنامله. وما زالت الشركات العاملة في هذا المجال تقدم سنوياً تقنيات جديدة وأجهزة جديدة تدعم طريقة برايل لما لها من أهمية في حياة الكفيف. ما زال برايل يتطور، ولكن المهم بالنسبة لنا هو أن يستفيد الكفيف العربي من هذا التطور ليرتقي بنفسه ثقافياً وعلمياً.